ذكر رحيل السلطان إلى القدس ونظره في مصالحه
ثم رحل السلطان إلى القدس في رابع شهر رمضان، وتفقد أحواله، وعرض رجاله، واشتغل بتشييد أسواره وتحصينها، وتعمير خنادقه، وزاد في وقف المدرسة المعروفة، وهذه المدرسة كانت قبل الإسلام تعرف بصند حنه (?) يذكرون أن فيها قبر حنة أم مريم - عليها السلام -، ثم صارت في الإسلام دار علم قبل أن يملك الفرنج القدس، وكان يدرس بها العلم الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسى قبيل أخذ الفرنج للقدس، ثم لما ملك الفرنج القدس سنة اثنين وتسعين وأربعمائة أعادوها كنيسة كما كانت قبل الإسلام، فلما فتح السلطان القدس أعادها مدرسة، ووقف عليها وقوفا جليلة، وفوض تدريسها ووقفها إلى القاضى بهاء الدين بن شداد، وترلاها جماعة من الفقهاء، منهم: فخر الدين بن عساكر؛ وتولاها والدى - رحمه الله - من جهة الملك المعظم شرف الدين عيسى بن الملك العادل، وأقمنا بها من سنة اثنين وعشرين وستمائة (?).