وأنزل السلطان ولده الملك الظاهر على المكان الضيق من الوادى، فنصب منجنيقا مقابل قرنه من السور، وكان صائب الحجر، ولم يزل يضربها حتى هدم من السور قطعة عظيمة، وكان معه جماعة من الرجالة الحلبيين، وهم في الشجاعة بالمنزلة المشهورة، ودام رمى النشّاب (?) والجرخ (?) والزنبورك (?) والزّيار (?)، فخرج أكثر أهل الحصن وهم يظهرون التجلد.
ولما كان بكرة الجمعة ثانى جمادى الآخرة عزم السلطان على الزحف، وركب وتقدم، وتواتر ضرب المنجنيقات، وارتفعت الأصوات، وعظم الضجيج بالتكبير والتهليل، فتعلق المسلمون بقرنه من ذلك الجبل، وقد أغفل الفرنج إحكامها، فتسلقوا منها بين الصخور حتى التحقوا بالسور الأول، فقاتلوهم عليه حتى ملكوه، وملكو بقية أسوار الربض وهجموا.