وسلمت المدينة يوم الجمعة لثلاث بقين من رجب من هذه السنة - أعنى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة -
وكان ذلك اليوم مشهودا، ورفعت الأعلام الإسلامية على الأسوار، ورتب السلطان على كل باب من أبواب البلد أمينا من الأمراء، ليأخذوا من أهله ما استقر عليهم، فاستعملوا الخيانة، ولم يؤدوا الأمانة، واقتسم الأمناء الأموال، وتفرقت أيدى [سبا] (?)، ولو أديت فيها الأمانة، لملأت الخزائن، فإنه كان فيه ستون ألفا، ما بين فارس وراجل، سوى ما يتبعهم من النساء والولدان والأطفال، وأطلق باليان بن بارزان ثمانية عشر ألف [رجل] (?)، ووزن عنهم ثلاثين ألف دينار، وبقى بعد هذا كله من لم يكن معه ما يعطى وأخذ أسيرا ستة عشر (?) ألف آدمى ما بين رجل وامرأة وصبى، وهذا بالضبط اليقين.
ثم إن كل واحد من الأمراء وأصحاب الأطراف ادعى أن جماعة من رعية إقطاعه مقيمون بالقدس، فكان يطلقهم ويأخذ منهم القطيعة، كمظفر الدين بن زين الدين، ادعى أن جماعة من أهل الرّها بالقدس، وعدتهم ألف نفس؛ وكذا صاحب البيرة، ادعى أن فيه جماعة من أهل بلده من الأرمن، وعدتهم خمسمائه نفس.
وكان جماعة من الأمراء يلبسون الفرنج زىّ الجند [290] من المسلمين ويخرجونهم ويأخذون منهم قطيعة قرروها، واستوهب جماعة من السلطان عددا من الفرنج، فوهبهم لهم، فأخذوا قطيعتهم.