وهلك كثير من دواب العسكر جوعا وعطشا وسرعة سير، وفقد [كثير ممن لم يعرف له خبر] (?).

وفقد الفقيه ضياء الدين عيسى وأخوه الظهير ومن كان في صحبتهم، فضلّ الطريق عنهم (?)، وكانوا سائرين إلى وراء، فأصبحوا بقرب الأعداء، فأكمنوا في مغارة، وانتظروا من يدلهم على بلاد الإسلام، فوقعوا بمن يزعم أنه يدلهم، فدلّ الفرنج عليهم، وسعى في أسرهم وعطبهم، فأسروا؛ وما خلص الفقيه عيسى إلا بعد سنين (?) بستين ألف دينار وفكاك جماعة من أسارى الفرنج؛ وبالجملة لم تعظم (?) هذه الوقعة إلا بسبب ما اتفق للمسلمين من دخول الرمل وعدم الماء والدليل.

وكان ما قدره الله سبحانه من أسباب السلامة أن القاضى الفاضل كان يستظهر باستصحاب جماعة من [الكنانية] (?) والأدلاء، فلما وقعت الواقعة خرج بدوا به وغلمانه وأصحابه وثقاته (?)، وبثّ أصحابه في تلك الرمال حتى أخذوا خبر السلطان وقصده، وانتفع السلطان بتلك الأدلاء الذين معه؛ وفرّق الفاضل ما كان معه من الأزواد على المسلمين وعلى المنقطعين، وجمعهم في خدمة السلطان.

وأما العسكر الذين دخلوا بلاد الفرنج للغارة فإن أكثرهم ذهب ما بين قتيل وأسير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015