ثم رحل بعساكره فنزل على عسقلان يوم الأربعاء لليلة بقيت من جمادى الأولى، فسبا وغنم، وجمع هناك من كان معه من الأسرى فضرب أعناقهم، وتفرق العسكر في الأعمال مغيرين (?)، فلما رأوا أن الإفرنج خامدون انبسطوا واسترسلوا، وتوسط السلطان البلاد.
ولما كان يوم الجمعة ثانى جمادى الآخرة استقل السلطان بعساكره راحلا ليقصدوا بعض المعاقل، واعترضه نهر [عليه] (?) تل الصافية، فازدحمت على العبور أثقال العسكر، فما شعروا بالفرنج إلا وقد أتوهم في أطلابهم (?) وجموعهم، وجماعة من سرايا المسلمين متفرقون في الضياع للإغارة، وكان مقدم الفرنج البرنس أرناط صاحب الكرك، وكان أسيرا بحلب من أيام نور الدين، ثم أطلقه الحلبيون على ما تقدم ذكره، فجرى على المسلمين خلل ذلك اليوم وانكسروا، فحكى القاضى بهاء الدين بن شداد - رحمه الله - قال:
" حكى السلطان - رحمه الله - صورة الكسرة في ذلك اليوم، وأن المسلمين كانوا قد تعبّوا تعبية الحرب، فلما قارب العدو رأى بعض الجماعة أن تغيّر الميمنة إلى جهة الميسرة، والميسرة إلى جهة القلب، ليكون في حالة [اللقاء] (?) وراء ظهورهم تل معروف بأرض الرملة، فبينماهم يشتغلون في التعبية، إذ هجم الفرنج، وقدّر الله كسر المسلمين فانكسروا كسرة عظيمة، ولم يكن لهم