ويكسر أغراضه، ويعترض عليه في أموره، لتوخى كمال الدين الأحكام الشرعية؛ فلما صار الملك الناصر إلى ما صار إليه من الملك وافتتح دمشق صار كمال الدين أحد قضاة بلاده؛ ولم يؤاخذه على ما صدر منه في حقه، بل أكرمه واحترمه واستشاره وعظمه، وكان ابن أخيه ضياء الدين بن تاج الدين الشهرزورى قد قصد خدمة السلطان بالديار المصرية في أول ملكه، فأقطعه وأحسن إليه، ثم وصل معه إلى الشام، واستمر في صحبته، فلما اشتد بعمه كمال الدين المرض أراد أن يبقى القضاء في بيته، فوصى بالقضاء لابن أخيه ضياء الدين علما منه أن السلطان يمضى ذلك لأجل قدم هجرته عنده، ثم توفى والسلطان محاصر حلب وجلس ابن أخيه ضياء الدين في القضاء.
وكان الشيخ شرف الدين أبو سعد عبد الله بن أبى عصرون (?) قد هاجر من حلب إلى السلطان، وأنزله عنده بدمشق، وهو رئيس أصحاب الإمام الشافعى - رحمة الله عليه - في وقته؛ والمقيم بالفتوى في زمانه فآثر السلطان أن يفوض القضاء إليه، وكره عزل ضياء الدين بن الشهرزورى، فأفضى بسره إلى القاضى الفاضل، وكان الفقيه ضياء الدين عيسى الهكارى (?) يتعصب للشيخ شرف الدين لأنه شيخه، فاستشعر ضياء الدين - لما بلغه ذلك - من العزل، وأشير عليه بالاستعفاء، ففعل، فأعفى، وأبقيت عليه الوكالة الشرعية عن السلطان في بيع الأملاك.
ولما استعفى ضياء الدين من القضاء لم يبق في منصب القضاء إلا فقيه يعرف بالأوحد داود، كان ينوب عن كمال الدين، فأمره السلطان بالاستمرار، وكان السلطان مائلا إلى بيت زكى الدين [195] فأمر الشيخ شرف الدين باستنابة