وبليت أنا بأشجع الناس - الفرنج -، وأخذت بلادهم، وأسرت ملوكهم، فلا يجوز لى أن أتركك على ما أنت عليه، فإنه يجب علينا الحفظ لما أهملت من بلاد الإسلام، وإزالة الظلم [119] عن المسلمين». وعاد الرسول بهذا الجواب.
ثم إن الأمراء الذين بالموصل كاتبوا نور الدين وأعلموه عزمهم على الوثوب بعبد المسيح وتسليم البلد إليه، ولما علم عبد المسيح بذلك راسله في تسليم البلد إليه وتقريره على سيف الدين، ويطلب الأمان وإقطاعا يكون له، فأجابه إلى ذلك، وقال: «لا سبيل إلى لقائك بالموصل؛ بل تكون عندى بالشام، فإنى لم آت لآخذ البلاد من أولادى. وإنما جئت لأخلص الناس منك، وأتولى أنا تربية أولادى»؛ واستقرت القاعدة على ذلك؛ وتسلم نور الدين الموصل، ودخلها لثلاث عشرة ليلة مضت من جمادى الأولى من هذه السنة - أعنى سنة ست وستين وخمسمائة -، ونزل في القلعة، وولّى بالقلعة سعد الدين كمشتكين، وأبقى بالموصل سيف الدين غازى بن مودود، واسم الملك له، وقسّم تركة قطب الدين بين أولاده بمقتضى الفريضة.
كنا ذكرنا وفاة المقتفى لأمر الله في سنة خمس وخمسين وخمسمائة، ومصير الخلافة إلى ولده المستنجد بالله أبى المظفر يوسف، وأنه أقام بوزارته عون الدين