على دمياط خمسين يوما، وكان رحيلهم لتسع بقين من ربيع الأول سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
وأنفق صلاح الدين في هذه النوبة أموالا عظيمة، وذكر عنه أنه قال: «ما رأيت أكرم من العاضد، أرسل إلىّ مدة مقام الفرنج على دمياط ألف ألف دينار مصرية سوى الثياب وغيرها»؛ وسيّرت الكتب إلى الشام بالبشارة برحيل الفرنج، فكتب نور الدين إلى العاضد صاحب مصر يهنئه برحيل الفرنج عن دمياط، وكان قد ورد عليه كتاب [113] من العاضد يستقيل فيه من الأتراك خوفا منهم، ويطلب الاقتصار على صلاح الدين وخواصه وألزامه؛ فكتب إليه (1) نور الدين بمدح (?) الأتراك، ويعلمه أنه ما أرسلهم واعتمد عليهم إلا لعلمه بأن قنطاريّات (?) الفرنج ليس لها إلا سهام الأتراك، وأن الفرنج لا يخافون إلا منهم، ولولاهم لزاد طمعهم في الديار المصرية، ولعل الله سبحانه وتعالى ييسّر بهم فتح بيت المقدس.
ومما مدح به الملك الناصر صلاح الدين بعد رحيل الفرنج ما كتب إليه به عماد الدين الكاتب - رحمه الله - من قصيدة (?) مخلصها:
كأنّ قلبى وحبّ مالكه ... مصر وفيها المليك يوسفها