وبعد: فإن وفود الهناء، وأمداد الدعاء، متواصلة على الولاء، صادرة عن محض الولاء، إلى عالى جنابه المأنوس، ومنيع كنفه المحروس، فليهنه الظفران بالملك وبالعدو، وفرع هضاب المجد والعلو، وكيف لا يكون النصر مساوقا لدين هو صلاحه، والتأييد موافقا لعزم هو (?) تجاحه وفلاحه.
فالشام يغبط مصرا مذ حللت بها ... كما الفرات عليكم يحسد النيلا
نلتم من الملك عفوا ما الملوك به ... عنوا قديما وراموه فما نيلا»
وثبتت قدم الملك الناصر صلاح الدين في الملك ورسخ ملكه، والخطبة مع ذلك على المنابر بالديار المصرية للخليفة العاضد، وبعده للملك العادل نور الدين؛ فالملك في الظاهر له، ولا يتصرف صلاح الدين إلا عن أمره، والمكاتبة ترد عليه من نور الدين: «بالأمير الاسفهسلار (?)»، ويكتب نور الدين اسمه قبل علامته (?) تعظيما لنفسه، ولا يفرده بالمكاتبة، بل يكتب إليه: «الأمير الاسفهسلار صلاح الدين، وكافة الأمراء بالديار المصرية يفعلون كذا».