وكان القضاء بالديار المصرية كلها للقاضى شرف الدين المعروف بابن عين الدولة الإسكندرى (?). فعزل الملك الصالح شرف الدين عن مصر والوجه القبلى، وفوض قضاء ذلك إلى بدر الدين، وبقى شرف الدين قاضيا بالقاهرة والوجه البحرى.

وكان شرف الدين هذا قد طالت مدته في القضاء من أيام السلطان الملك الكامل وإلى هذه الغاية. وكان فاضلا في الفقه والأدب وعلم الشروط، عفيفا حزما، عديد الأحكام. وكان يحفظ شيئا كثيرا من الشعر والأدب. ونقل المصريون عنه شيئا كثيرا من النوادر التي يسمونها الزائد في اصطلاحهم.

وكان يقولها مع ناموس عظيم وسكينة.

فمما نقل عنه من ذلك أنه قال له يوما بعض العدول، والقاضى في بيت قليل الهواء كثير البق، وهم يسمون البق الناموس: «ما أقل الهواء في هذا البيت، وأكثر الناموس فيه». فقال: «هكذا ينبغى أن تكون مجالس القضاة (?)». وذكر أنه دخلت إليه امرأة محاكمة، فقال لها: «ما اسمك؟»، فقالت: «ست من يراها»، فوضع كمه على عينيه. ونقلوا عنه من هذا شيئا كثيرا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015