فحين رآنى ظن أنى أريد قتله، فأشار إلىّ بأصبعه السبابة يستعطفنى، فوقفت (?) من هيبته، وقلت يا مولانا: من فعل بك هذا؟ فلم يقدر على الكلام، وفاضت نفسه لوقته».
قال الأمير مؤيد الدولة بن منقذ: «فكأن الشاعر - وهو المتنبى - عناه بقوله:
وقد قابل الأقران حتى قتلنه ... بأضعف قرن في أذلّ مكان
كان حسن الصورة، أسمر اللون، حسن العينين، قد وخطه الشيب، وكان عمره قد زاد على ستين سنة، وكان صارما حازما شجاعا شهما مقداما، عظيم الهمة أبىّ النفس، قد خافه الملوك، وارتاع لذكره أصحاب الأطراف، وكان الخليفة والسلطان يجاور بلادهما بلاده، وكان يجاوره ابن سكمان صاحب خلاط، وداود ابن سقمان صاحب حصن كيفا، وصاحب آمد، وصاحب ماردين، والفرنج، وصاحب دمشق، وقد أحاطت هذه الممالك بمملكته من سائر جهاتها، ومع هذا مرة يقصد هذا، ومرة يأخذ من هذا، ومرة يصانع هذا إلى أن ملك من كل من (?) يليه طرفا، وكان الكل يتقونه ويدارونه، ويخافون منه، وكان شديد الهيبة على رعيته وعساكره، عظيم الهيبة في صدورهم حسن السياسة، لا يقدر القوى على ظلم