وسار عماد الدين في العساكر - وذلك في جمادى الأول سنة تسع وثلاثين وخمسمائة - فكان عماد الدين أول من حمل على الفرنج - ومعه ذلك الصبى -، وحمل فارس من خيّالة الفرنج على عماد الدين عرضا، فاعترضه ذلك الأمير فطعنه فقتله، وسلم عماد الدين، ونازل البلد محاصرا له ثمانية وعشرين يوما، وزحف إليه عدة دفعات، ونقب النقّابون سور البلد فسقطت البدنة، وملك البلد عنوة وقهرا، وحصر القلعة فملكها وذلك لأربع عشرة بقيت (?) من جمادى الآخرة من هذه [55] السنة، ونهب الناس الأموال، وسبوا الذرية، وقتلوا الرجال.
ورأى الأمير عماد الدين البلد فأعجبه، ورأى أنه لا يجوز في السياسة (?) تخريب مثله، فنودى في العسكر برد ما أخذ من الرجال والنساء والأطفال إلى بيوتهم وإعادة ما اغتنموا من أثاثهم وأمتعتهم، فردوا الجميع عن آخره، ولم يفقد إلا النادر، وعاد البلد إلى حاله، ثم تسلم سروج (?) وسائر الأماكن التي كانت بيد الفرنج شرقى الفرات ما عدا البيرة، ثم سار إلى البيرة (?) فحصرها، وكان الفرنج قد أكثروا ميرتها ورجالها.