يقترنُ به (?)، فلو قُيِّض له من يخرجه عنه لم يكن عليه كُلْفةٌ في الانتقال عنه.
والمقصودُ أنَّ خواصَّ الأمَّة ولُبابها لمَّا شَهِدَت عقولهم حُسْنَ هذا الدَّين وجلالتَه وكماله، وشَهِدَت قُبْحَ ما خالفه ونقصَه ورداءته، خالط الإيمانُ به ومحبتُه بشاشةَ قلوبهم، فلو خُيِّر بين أن يُلْقى في النَّار وبين أن يختار دينًا غيره لاختار أن يُقْذَف في النَّار، ويقطَّع أعضاءً، ولا يختار دينًا غيره.
وهذا الضربُ من النَّاس هم الذين استقرَّت أقدامُهم في الإيمان، وهم أبعدُ النَّاس عن الارتداد عنه، وأحقُّهم بالثَّبات عليه إلى يوم لقاء الله، ولهذا قال هرقلُ لأبي سفيان: أيرتدُّ أحدٌ منهم عن دينه سَخْطةً له؟ قال: لا. قال: فكذلك الإيمانُ إذا خالط بشاشةَ القلوب لا يَسْخَطُه أحد (?).
والمقصودُ أنَّ الدَّاخلين في الإسلام، المستدلِّين على أنه من عند الله لحُسْنه وكماله، وأنه دينُ الله الذي لا يجوز أن يكون من عند غيره، هم خواصُّ الخلق، والنُّفاة سَدُّوا على أنفسهم هذا الطريق فلا يمكنُهم سلوكُه.
فصل
وتحقيقُ هذا المقام بالكلام في مقامين:
أحدهما: الأعمال خصوصًا ومراتبها (?) في الحُسْن والقُبح.
الثَّاني: في الموجودات عمومًا ومراتبها في الخير والشرِّ.