وليُّها ومُسْدِيها والمنعمُ بها عليهم (?)، فهي نعمتُه حقًّا وهم قابِلُوها.
وأتى في الإكمال باللام المُؤْذنة بالاختصاص وأنه شيءٌ خُصُّوا به دون الأمم، وفي إتمام النِّعمة بـ (على) المُؤْذنة بالاستعلاء والاشتمال والإحاطة؛ فجاء {وَأَتْمَمْتُ} في مقابلة {أَكْمَلْتُ}، و {عَلَيْكُمْ} في مقابلة {لَكُمُ}، و {نِعْمَتِي} في مقابلة {دِينَكُمْ}، وأكَّد ذلك وزاده تقريرًا وكمالًا وإتمامًا للنِّعمة بقوله: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
وكان بعض السَّلف يقول: "يا له مِنْ دينٍ، لو أنَّ له رجالًا" (?).
وقد ذكرنا فصلًا مختصرًا في دلالة خلقه على وحدانيَّته (?)، وصفات كماله، ونُعوت جلاله، وأسمائه الحسنى، وأردنا أن نختمَ به القسمَ الأوَّل من الكتاب (?)، ثمَّ رأينا أن نتبعه فصلًا في دلالة دينه وشرعه على وحدانيَّته وعلمه وحكمته ورحمته وسائر صفات كماله؛ إذ هذا من أشرف العلوم التي يكتسبُها العبدُ في هذه الدَّار، ويدخُل بها إلى الدَّار الآخرة.
وقد كان الأولى بنا الإمساكُ عن ذلك؛ لأنَّ ما يصفُه الواصفون منه وتنتهي إليه علومُهم هو كما يُدْخِلُ الرجلُ إصبعَه في اليمِّ ثمَّ ينزعها، فهو يصفُ البحرَ بما يَعْلَق على أصبعه من البلل، وأين ذلك من البحر؟ ! فيظنُّ