هذا، ولو رأيتَ الدِّماغَ وكُشِفَ لك عن تركيبه وخَلْقِه لرأيتَ العجبَ العُجاب، ولكُشِفَ لك عن تركيبٍ يَحارُ فيه العقل، قد لُفَّ (?) بحُجُبٍ وأغشيةٍ بعضها فوق بعض؛ لتصونه عن الأعراض، وتحفظه عن الاضطراب.
ثمَّ أطبِقَت عليه الجمجُمة بمنزلة الخُوذَة وبَيْضة الحديد (?)؛ لتقيه حدَّ الصَّدمة والسَّقطة والضَّربة التي تصلُ إليه، فتتلقَّاها تلك البيضةُ عنه، بمنزلة التي على رأس المحارب.
ثمَّ جُلِّلت تلك الجمجمةُ بالجِلد الذي هو فروةُ الرَّأس تستُر العظمَ من البُروز للمؤذيات.
ثمَّ كُسِيَت تلك الفروةُ حُلَّةً من الشَّعر الوافر وقايةً لها وسترًا من الحرِّ والبرد والأذى وجمالًا وزينةً له.
فسَل المعطِّل: من الذي حصَّن الدِّماغ هذا التَّحصين (?)، وقدَّره هذا التقدير، وجعله خِزانةً أودع فيها من المنافع والقوى والعجائب ما أودعَه، ثمَّ أحكَم سدَّ تلك الخزانة، وحصَّنها أتمَّ تحصين، وصانها أعظم صيانة، وجعلها مَعْدِن الحواسِّ والإدراكات؟ !
ومن الذي جعل الأجفانَ على العينين كالغِشاء، والأشفارَ كالأشراج (?)،