ولذلك (?) ترى فِراخَ كثيرٍ من الطَّير- كالدَّجاج، والدُّرَّاج، والقَبَج (?) - يَدْرُجُ ويَلْقُطُ حين يخرجُ من البيضة (?).
وما كان منها ضعيفَ النُّهوض - كفِراخ الحمَام واليَمَام - أعطى سبحانه أمَّهاتها من فضل العطف (?) والشَّفقة والحنان ما تَمُجُّ به الطُّعْمَ في أفواه الفِراخ من حَواصِلها؛ فتَخْبَؤه في أعزِّ مكانٍ منها، ثمَّ تَسُوقُه من فِيها إلى أفواه الفِراخ، ولا يزالُ بها كذلك (?) حتى ينهض الفرخُ ويستقلَّ بنفسه، وذلك كلُّه من حظِّها وقَسْمِها الذي وَصَلَ إليها من الرَّحمة الواحدة من المئة (?).
فإذا استقلَّ بنفسه وأمْكَنه الطَّيرانُ لم يَزَل به الأبوان يعالجانه أتمَّ معالجةٍ وألطفَها حتى يطيرَ من وَكْرِه، ويسترزق لنفسه، ويأكل من حيث يأكلان، وكأنهما لم يعرفاهُ ولا عرفهما قطُّ (?)، بل يطردانه عن الوَكْر ولا يدعانه وأقواتهَما وبيتَهما، بل يقولان له بلسانٍ يَفْهَمُه: اتَّخِذ لك وَكْرًا وقُوتًا، فلا وَكْر لك عندنا ولا قُوت!
فسَلِ المعطِّل: أهذا كلُّه عن إهمال؟ ! ومن الذي ألهمها ذلك؟ ! ومن الذي عَطَّفها على الفِراخ وهي صغارٌ أحوجَ ما كانت إليها، ثمَّ سَلَبَ ذلك