فتأمَّل هذه الحكمةَ البديعةَ في الشَّحم المودعَ فيها؛ فإنَ الحَبَّ لا يمدُّ بعضه بعضًا، إذ لو مدَّ بعضُه بعضًا لاختلط وصار حبَّةً واحدة، فجُعِل ذلك الشحمُ خِلاله (?) ليمدَّه بالغذاء.

والدليلُ عليه أنك ترى أصول الحَبِّ مركوزةً في ذلك الشَّحم، وهذا بخلاف حَبِّ العنب فإنه استغنى عن ذلك بأن جَعَل لكل حبَّةٍ مجرًى تشربُ منه، فلا تشربُ حقَّ أختها، بل يجري الغذاءُ في ذلك العِرْق مجرًى واحدًا، ثمَّ ينقسمُ منه في مجاري الحبوب كلِّها، فينصبُّ منه (?) في كلِّ مجرًى غذاءُ تلك الحبَّة، فتبارك الله أحسنُ الخالقين.

ثمَّ إنه لَفَّ ذلك الحَبَّ في تلك الرُّمَّانة بتلك اللفائف؛ لتضُمَّه وتمسكه فلا يضطرب ولا يتبدَّد، ثمَّ غشَّى فوق ذلك بالغشاء الصُّلب (?)، صِوانًا له (?) وحافظًا (?) وممسكًا له بإذن الله وقدرته.

فهذا قليلٌ من كثيرٍ من حكمة هذه الثَّمرة الواحدة، ولا يمكنُنا - ولا غيرَنا - استقصاءُ ذلك، ولو طالت الأيامُ واتَّسعَ الفِكْر (?)، ولكنَّ هذا منبِّهٌ على ما وراءه، واللبيبُ يكتفي ببعض ذلك، وأما من غَلبت عليه الشقاوة، فكأيِّن من آيةٍ في السَّموات والأرض يمرُّ عليها وهو معرضٌ عنها (?)، غافلٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015