تأمل أحوال الشمس في ارتفاعها وانخفاضها

{تُبْصِرُونَ} راجعٌ إلى قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}.

وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 61، 62]، فذكر تعالى خلقَ الليل والنَّهار، وأنهما خِلْفَة، أي: يَخْلُفُ أحدُهما الآخرَ لا يجتمعُ معه، ولو اجتمع معه لفاتت المصلحةُ بتعاقُبهما واختلافهما.

وهذا هو المرادُ باختلاف الليل والنَّهار؛ كونُ كلِّ واحدٍ منهما يخلُف الآخرَ لا يجامعُه ولا يحايِثُه (?)، بل يغشى أحدُهما صاحبَه فيطلُبه حثيثًا حتى يزيلَه عن سلطانه، ثمَّ يجيء الآخرُ عَقِيبَه فيطلُبه حثيثًا حتى يهزمه ويزيله عن سلطانه، فهما يتطالبان ولا يُدرِكُ أحدُهما صاحبَه.

فصل (?)

ثمَّ تأمَّل بعد ذلك أحوالَ هذه الشمس في انخفاضها وارتفاعها لإقامة هذه الأزمنة والفصول (?)، وما فيها من المصالح والحِكَم؛ إذ لو كان الزَّمانُ كلُّه فصلًا واحدًا لفاتت مصالحُ (?) الفصول الباقية فيه؛ فلو كان صيفًا كلُّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015