فصل (?)
تأمَّل خلقَ السَّماء، وارجِع البصرَ فيها كرَّةً بعد كرَّة، كيف تراها من أعظم الآيات في عُلوِّها وارتفاعها وسَعَتها وقرارها، بحيث لا تَصْعَدُ عُلوًّا كالنَّار، ولا تهبطُ نازلةً كالأجسام الثَّقيلة، ولا عَمَدَ تحتها ولا عِلاقةَ فوقها، بل هي ممسوكةٌ (?) بقدرة الله الذي يُمْسِكُ السَّمواتِ والأرض أن تزولا.
ثمَّ تأمَّل استواءها واعتدالها، فلا صَدْعَ فيها، ولا فَطْرَ ولا شَقَّ، ولا أمْتَ ولا عِوَج.
ثمَّ تأمَّل ما وُضِعَت عليه من هذا اللَّون الذي هو أحسنُ الألوان وأشدُّها موافقةً للبصر وتقويةً له؛ حتى إنَّ من أصابه شيءٌ أضرَّ ببصره يؤمرُ بإدمان النَّظر إلى الخُضرة وما قَرُبَ منها إلى السَّواد، وقال الأطبَّاء: إنَّ من كَلَّ بصرُه فإنَّه من دوائه أن يُديمَ الاطِّلاع إلى إجَّابةٍ (?) خضراءَ مملوءةٍ ماءً (?).
فتأمَّل كيف جعَل أديمَ السماء بهذا اللون ليُمْسِكَ الأبصارَ المتقلِّبة فيه (?) ولا يَنكَأ فيها (?) بطول مباشرتها له.