التفكر في الأذن

التفكر في الأنف

ومن يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مريضٍ ... يَجِدْ مُرًّا بِه الماءَ الزُّلالا (?)

ونَصَب سبحانه قَصَبة الأنف في وسط الوجه، فأحسنَ شكلَه وهيئتَه ووضعَه، وفَتَح فيه المَنْخِرَين، وحَجَز بينهما بحاجز، وأودعَ فيهما حاسَّة الشَّم التي تُدرَكُ بها أنواعُ الروائح الطيبة والخبيثة والنافعة والضارَّة، وليستنشقَ به الهواءَ فيوصِلَه إلى القلب فيتَروَّح به ويتغذَّى به.

ثمَّ لم يجعل في داخله من الاعوجاجات والغُضون ما جَعَل في الأذن؛ لئلَّا يُمسِك الرائحةَ فيُضعِفَها ويقطع مجراها، وجعله سبحانه مَصَبًّا تنحدِرُ إليه فضلاتُ الدِّماغ فتجتمعُ فيه ثمَّ تخرجُ منه.

واقتضت حكمتُه أنْ جَعَل أعلاه أدقَّ من أسفله؛ لأنَّ أسفله إذا كان واسعًا اجتمعت فيه تلك الفضلاتُ فخرجت بسهولة، ولأنه يأخذُ من الهواء مَلأه ثمَّ يتصاعدُ في مجراه قليلًا قليلًا، حتى يصل إلى القلب وصولًا لا يضرُّه ولا يزعجُه.

ثمَّ فَصَل بين المَنْخِرَين بحاجزٍ بينهما حكمةً منه ورحمة؛ فإنه لما كان قَصَبةً ومجرًى ساترًا لما ينحدرُ فيه (?) من فضلاتِ الرأس ومجرى النَّفَس الصَّاعد منه = جَعَل في وسطه حاجزًا؛ لئلا ينسدَّ (?) بما يجري فيه فيمنعَ نَشْقَه للنَّفَس، بل إمَّا أن يعتمدَ (?) الفضلاتِ نازلةً من أحد المنفذين- في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015