وهذا موسى كليمُ الرحمن عز وجل: ألقى الألواحَ التي فيها كلامُ الله الذي كتبه له، ألقاها على الأرض (?) حتى تكسَّرت، ولَطَمَ عينَ ملَك الموت ففَقأها (?)، وعاتبَ ربَّه ليلة الإسراء في النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "شابٌّ بُعِثَ بعدي يدخلُ الجنةَ من أمَّته أكثرُ ممن يدخلُها من أمَّتي" (?)، وأخذَ بلحية هارون وجَرَّه إليه (?) وهو نبيُّ الله، وكلُّ هذا لم يُنْقِص من قَدرِه شيئًا عند ربِّه، وربُّه تعالى يُكْرِمُه ويحبُّه؛ فإنَّ الأمرَ الذي قام به موسى، والعدوَّ الذي بَرَز له، والصبرَ الذي صَبَره، والأذى الذي أُوذِيَه في الله = أمر لا تؤثِّرُ [فيه] أمثالُ هذه الأمور، ولا يُغَبَّرُ به في وجهه (?)، ولا يخفضُ منزلتَه (?).
وهذا أمرٌ معلومٌ عند الناس مستقرٌّ في فِطَرهم: أنَّ من له ألوفٌ من الحسنات فإنه يُسامَحُ بالسيئة والسيئتين ونحوها، حتى إنه ليَخْتَلِجُ داعي عقوبته على إساءته، وداعي شكره على إحسانه، فيغلبُ داعي الشكر لداعي