وقولُه: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} معناه: صَرَف سمعَه إلى هذه الأنباء الواعظة، وأثبته في سمعه (?)، فذلك إلقاءٌ له عليها، ومنه قولُه: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} [طه: 39]، أي: أثبتُّها عليك.
وقولُه: {وَهُوَ شَهِيدٌ} قال بعضُ المتأوِّلين: معناه: وهو شاهدٌ (?) مقبلٌ على الأمر غير معرضٍ عنه ولا مفكِّرٍ في غير ما يسمع".
قال: "وقال قتادة: هي إشارةٌ إلى أهل الكتاب. فكأنه قال: إنَّ هذه العِبَر لتذكرةٌ لمن له فهمٌ فتدبَّرَ الأمر، أو لمن سمعها من أهل الكتاب فشهدَ بصحَّتها لعلمه بها من كتاب التوراة (?) وسائر كتب بني إسرائيل".
قال: "فـ {شَهِيدٌ} على التأويل الأول من المشاهدة، وعلى التأويل الثاني من الشهادة".
وقال الزجَّاج (?): "معنى {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} من صَرَف قلبَه إلى التفهُّم، ألا ترى أنَّ قوله: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 18] أنهم لم يستمعوا استماعَ متفهِّمٍ مسترشدٍ، فجُعِلوا بمنزلة من لم يسمع، كما قال الشاعر:
* أصَمُّ عمَّا ساءه سميعُ * (?)