* خُذ ما تراهُ ودعَ شيئًا سمعتَ به * (?)

وأمَّا القائمون لله بحجَّته، خلفاءُ نبيِّه في أمَّته، فإنهم لكمال علمهم وقوَّته نَفَذ بهم إلى حقيقة الأمر، وهجمَ بهم عليه، فعاينوا ببصائرهم ما عَشَتْ عنه (?) بصائرُ الجاهلين، فاطمأنَّت قلوبُهم به، وعملوا على الوصول إليه؛ لِمَا باشرها مِنْ رَوْح اليقين (?).

رُفِعَ لهم عَلَمُ السعادة فشمَّروا إليه، وأسْمَعهم منادي الإيمان النداءَ فاستبقوا إليه، واستيقنت أنفسُهم ما وعدهم به ربهُّم فزهدوا فيما سواه ورغبوا فيما لديه.

علموا أنَّ الدنيا دارُ ممرٍّ لا دارُ مقرّ، ومنزلُ عبورٍ لا مقعد حبور، وأنها خيالُ طَيْفٍ أو سحابةُ صَيْف، وأنَّ مَنْ فيها كراكبٍ قال تحت ظلِّ شجرةٍ ثمَّ راح عنها وتركها، وتيقَّنوا أنها:

أحلامُ نومٍ أو كظلٍّ زائلٍ ... إنَّ اللبيبَ بمثلها لا يُخْدَعُ (?)

وأنَّ واصفَها صدق في وصفها إذ يقول:

أرى أشقياءَ الناس لايسأمونها ... على أنهم فيها عراةٌ وجُوَّعُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015