والمُصاحِبةُ للعبد في جميع أسفاره، وفي دُوره الثلاثة- أعني دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار-، وبها يترقَّى في معارج الفضل ودرجات الكمال.

أمَّا الأولى، فإنما (?) تصحبُه في البقعة التي فيها مالُه وجاهُه.

والثانية، فعُرضةٌ للزوال والتبدُّل بِنَكْس الخَلْق والردِّ إلى الضَّعف.

فلا سعادةَ في الحقيقة إلا هذه الثالثة، التي كلَّما طال عليها الأمدُ ازدادت قوةً وعلوًّا، وإذا عُدِمَ المالُ والجاهُ فهي مالُ العبد وجاهُه، وتظهرُ قوتهُا وأثرُها بعد مفارقة البدن (?) إذا انقطعت السعادتان الأوَّلتان (?).

وهذه السعادةُ لا يعرفُ قَدْرَها ويبعثُ على طلبها إلا العلمُ بها؛ فعادت السعادةُ كلُّها إلى العلم وما يقتضيه، والله يوفِّقُ من يشاء، لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.

وإنما رَغِبَ أكثرُ الخلق عن اكتساب هذه السعادة وتحصيلها لوعورة طريقها، ومرارة مَباديها، وتعب تحصيلها، وأنها لا تنالُ إلا على جسر من التعب (?)؛ فإنها لا تُحَصَّلُ إلا بالجدِّ المحض، بخلاف الأوَّلتَين (?)، فإنهما حظٌّ قد يَحُوزُه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015