وقيل: المذكور، وهو التوحيد.

والقولان متلازمان؛ إذ ذلك في معرض الاستشهاد والاحتجاج على المشركين، لا في معرض ذمِّ الذين آتاهم الكتاب؛ فإنَّ السُّورة مكيَّة، والحِجَاجُ كان فيها مع أهل الشرك، والسِّياقُ يدلُّ على الاحتجاج لا ذمِّ المذكورين من أهل الكتاب.

* وأما الثاني، فكقوله: {وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} [البقرة: 144 - 145]؛ فهذا شهادتُه سبحانه للذين أوتوا الكتاب، والأولُ شهادتُه للذين آتاهم الكتابَ بأنهم مؤمنون.

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} [النساء: 47]، وقال تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ} [آل عمران: 20]، وهذا خطابٌ لمن لم يُسْلِمْ منهم، وإلا فلم يُؤْمَر - صلى الله عليه وسلم - أن يقول هذا لمن أسلمَ منهم وصدَّق به.

ولهذا لا يذكرُ سبحانه الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب إلا بالذمِّ أيضًا، كقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44)} [النساء: 44]، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: 51] الآية، وقال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)} [آل عمران: 23].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015