وقال تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [آل عمران: 70 - 71] يعني: تكفرون بالقرآن وبمن جاء به، وأنتم تشهدون بصحَّته وأنه الحقُّ، فكفرُكم كفرُ عنادٍ وجحودٍ عن علمٍ وشهود، لا عن جهلٍ وخفاء.

وقال تعالى عن السحرة من اليهود: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ} [البقرة: 102] أي: علموا أنَّ من أخذَ السحرَ وقَبِلَه لا نصيبَ له في الآخرة، ومع هذا العلم والمعرفة فهم يشترونه ويقبلونه ويتعلَّمونه.

وقال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} ذَكَر هذه المعرفةَ عن أهل الكتاب في القبلة، كما في سورة البقرة، وفي التوحيد، كقوله في الأنعام: {أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} وفي الكتاب أنه منزَّلٌ من عند الله، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [الأنعام: 114].

وقال تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 86].

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "هم قريظةُ والنضيرُ ومن دانَ بدينهم، كفروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أن كانوا قبل مبعثه مؤمنين به وشهدوا له بالنبوَّة، وإنما كفووا بغيًا وحسدًا" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015