الوجه الثاني عشر: أنَّه سبحانه جعلَ أهلَ الجهل بمنزلة العُميان الذين لا يبصرون، فقال تعالي: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الرعد: 19]، فما ثَمَّ إلا عالمٌ أو أعمى، وقد وصفَ سبحانه أهلَ الجهل بأنهم صمٌّ بُكمٌ عُميٌ في غير موضعٍ من كتابه (?).
الوجه الثالث عشر: أنَّه سبحانه أخبرَ عن أولي العلم بأنهم يرونَ ما أُنزِل إليه من ربِّه حقًّا، وجعَل هذا ثناءً عليهم واستشهادًا بهم، فقال تعالي: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: 6].
الوجه الرابع عشر: أنَّه سبحانه أمرَ بسؤالهم والرجوع إلى أقوالهم، وجَعَل ذلك كالشهادة منهم، فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، وأهلُ الذِّكر هم أهلُ العلم بما أُنزِل على الأنبياء.
الوجه الخامس عشر: أنَّه شهدَ لأهل العلم شهادةً في ضمنها الاستشهادُ بهم على صحَّة ما أنزل على رسوله، فقال تعالي: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [الأنعام: 114].
الوجه السادس عشر: أنَّه سبحانه سلَّى نبيَّه بإيمان أهل العلم به، وأمَره أن لا يعبأ بالجاهلين شيئًا، فقال تعالي: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ