وأقواله وأعماله وأذواقه ومَواجِيده ظاهرًا وباطنًا مِنْ (?) مشكاة رسوله، وعَرَض ما جاء من سواها عليها، فما وافقها قَبِلَه، وما خالفها ردَّه، وما لم يتبيَّن له فيه موافقةٌ ولا مخالفةٌ وقَفَ أمرَه وأرجأه إلي أن يتبيَّن له، وسالمَ أولياءه وحزبه المفلحين الذَّابِّين عن دينه وسنة نبيه، القائمين بها، وعادى أعداءه المخالفين لكتابه وسنة نبيه، الخارجين عنهما، الدَّاعين إلي خلافهما (?).
فصل
وهذه المتابعةُ هي التلاوةُ التي أثنى الله على أهلها في قوله تعالي: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ} [فاطر: 29]، وفي قوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: 121]، والمعنى: يتبعون كتاب الله حقَّ اتباعه، وقال تعالي: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} [العنكبوت: 45]، وقال: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ} [النمل: 91 - 92].
فحقيقةُ التِّلاوة في هذه المواضع هي التِّلاوة المطلقة التامة، وهي تلاوةُ اللفظ والمعنى؛ فتلاوةُ اللفظ جزءُ مسمَّى التِّلاوة المطلقة، وحقيقةُ اللفظ إنما هي الاتِّباع، يقال: اتلُ أثر فلان، وتلوتُ أثره وقفوتُه وقصصتُه بمعنى تبعتُه خلفَه، ومنه قولُه تعالي: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} [الشمس: 1 - 2]، أي: تَبِعَها في الطلوع بعد غيبتها، ويقال: جاء القومُ يتلو بعضُهم بعضًا، أي: يَتْبع.