الأصلين، وهما داءُ الأولين والآخرين (?):

أحدهما: الاستمتاعُ بالخَلاق، وهو النصيبُ من الدُّنيا، والاستمتاعُ به متضمِّنٌ لنيل الشهوات المانعة من متابعة الأمر، بخلاف المؤمن فإنَّه وإن نال من الدُّنيا وشهواتها فإنَّه لا يستمتعُ بنصيبه كلِّه، ولا يُذْهِبُ طيِّباته في حياته الدُّنيا، بل ينالُ منها ما ينالُ ليتقوَّى به على التزوُّد لمعاده.

والثاني: الخوض بالشبهات الباطلة، وهو قولُه: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا}، وهذا شأنُ النفوس الباطلة التي لم تُخْلَقْ للآخرة، لا تزالُ ساعيةً في نيل شهواتها، فإذا نالتها فإنما هي في خوضٍ بالباطل (?) الذي لا يُجْدِي عليها إلا الضررَ العاجل والآجل.

ومِنْ تمام حكمة الله تعالى أنَّه يبتلي هذه النفوسَ بالشقاء والتعب في تحصيل مراداتها وشهواتها، فلا تتفرغُ للخوض بالباطل إلا قليلًا، ولو تفرَّغت هذه النفوسُ الباطوليَّة (?) لكانت أئمَّةً تدعو إلي النار، وهذا حالُ من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015