يحزن، ولا يضلُّ ولا يشقى، وهذا مستلزمٌ لكمال النعيم.

ولا يقال: إنَّ الآية إنما تدلُّ على نفي العذاب فقط، ولا خلافَ أنَّ مؤمنيهم لا يعاقبون؛ لأنَّا نقول: لو لم تدلَّ الآيةُ إلا على أمرٍ عدميٍّ فقط لم يكن مدحًا لمؤمني الإنس، ولمَا كان فيها إلا مجردُ أمرٍ عدميٍّ، وهو عدمُ الخوف والحزن.

ومعلومٌ أنَّ سياقَ الآية ومقصودَها إنما أريدَ به أنَّ من اتبعَ هدى الله الذي أنزله حصل له غايةُ النعيم، واندفعَ عنه غايةُ الشقاء، وعبَّر عن هذا المعنى المطلوب بنفي الأمور المذكورة؛ لاقتضاء الحال لذلك، فإنَّه لما أُهبِط آدمُ من الجنة حصل له من الخوف والحزن والشقاء ما حصل، فأخبره سبحانه أنَّه مُعْطِيه وذريته عهدًا من اتبعه منهم انتفى عنه الخوف والحزن والضلال والشقاء، ومعلومٌ أنَّه لا ينتفي (?) ذلك كلُّه إلا بدخول دار النعيم (?)، ولكنَّ المقام بذكر التصريح بنفي غاية (?) المكروهات أولى.

الثاني: قولُه تعالي: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: 29 - 31].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015