بعباده من الوالدة بولدها، وأن ذلك الكسرَ هو نفسُ رحمته به وبرِّه ولطفه، وهو أعلمُ بمصلحة عبده منه، ولكنَّ العبدَ لضعف بصيرته ومعرفته بأسماء ربه وصفاته لا يكادُ يشعرُ بذلك، ولا يُنالُ رضا المحبوب وقربُه والابتهاجُ والفرحُ بالدُّنوِّ منه والزلفى لديه إلا على جسرٍ من الذُّل والمسكنة، وعلى هذا قام أمرُ المحبة، فلا سبيل إلى الوصول إلى المحبوب إلا بذلك، كما قيل (?):
تَذلَّلْ لمن تَهْوى لِتَحْظى بِقُرْبِه ... فكم عِزَّةٍ قد نالها العبدُ بالذُّلِّ
إذا كان من تهوى عزيزًا ولم تكن ... ذليلًا له فاقْرَ السَّلامَ على الوَصْلِ
وقال آخر:
اخْضَعْ وذِلَّ لمن تحبُّ فليس في ... شرعِ الهوى أنفٌ يُسْألُ ويُعْقَدُ (?)
وقال آخر:
وما فَرِحَتْ بالوصل نفسٌ عزيزةٌ ... وما العِزُّ إلا ذُلهُّا وانكسارُها (?)
قالوا: وإذا عُلم أنَّ إبليس أُهبِط من دار العزِّ عقبَ امتناعه وإبائه من