والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يذكرُ المقتضي في موضعٍ والمانعَ في موضعٍ آخر، ويُثْبِتُ الشيءَ في موضعٍ وينفي مثلَه في الصُّورة وعكسَه في الحقيقة، ولا يحيطُ أكثرُ الناس بمجموع نصوصه علمًا، ويسمعُ النصَّ ولا يسمعُ شرطَه ولا موانع مقتضاه ولا تخصيصَه، ولا ينتبهُ للفرق بين ما أثبته ونفاه، فينشأ من ذلك في حقِّه من الإشكالات ما ينشأ.
وينضافُ هذا إلى عدم معرفة الخاصِّ بخطابه ومجاري كلامه.
وينضافُ إلى ذلك تنزيلُ كلامه على الاصطلاحات التي أحدثَها أربابُ العلوم من (?) الأصوليِّين والفقهاء وعلم أحوال القلوب وغيرهم، فإنَّ لكلًّ من هؤلاء اصطلاحاتٍ حادثةً في مخاطباتهم وتصانيفهم، فيجيءُ من قد أَلِفَ تلك الاصطلاحات الحادثة وسبقَت معانيها إلى قلبه فلم يعرِف سواها، فيسمعُ كلامَ الشارع فيحملُه على ما ألِفَه من الاصطلاح، فيقعُ بسبب ذلك في الفهم عن الشارع ما لم يُرِده بكلامه، ويقعُ من الخلل في نظره ومناظرته ما يقع (?).
وهذا من أعظم أسباب الغلط عليه (?)، مع قلَّة البضاعة من معرفة نصوصه.