فرأى أنَّ هذه المصلحةَ أرجحُ من مفسدة سدِّ الذريعة بوطئهنَّ (?)، ورأى الأمَّتين اللتين هما من أكثر الأمم وأشدِّها بأسًا يفعلونه ولا يتَّقونه، مع قوَّتهم وشدَّتهم، فأمسَك عن النهي عنه.

فلا تعارضَ إذًا بين الحديثين، ولا ناسخَ منهما ولا منسوخ، والله أعلم بمراد رسوله (?).

فصل

ويُشْبِهُ هذا قولُه - صلى الله عليه وسلم - (?) للذي قال له: إنَّ لي أمَةً، وأنا أكرهُ أن تحبَل، وإني أعزِلُ عنها، فقال: "سيأتيها ما قُدِّرَ لها" (?).

فليس بين هذه الأحاديث تعارض، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقل: إنَّ الولدَ يُخْلَقُ من غير ماء الواطئ، بل أخبر أنه سيأتيها ما قُدِّر لها ولو عَزَل، فإنه إذا قُدِّرَ خلقُ الولد قُدِّرَ سبقُ الماء والواطئُ لا يشعر، بل يخرجُ منه ماءٌ يمازجُ ماءَ المرأة لا يشعُر به يكونُ سببًا في خلق الولد.

ولهذا قال: "ليس من كلِّ الماء يكونُ الولد" (?)، فلو خرج منه نطفةٌ لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015