وأمَّا الجنسُ الآخرُ من العدوى، فهو الطاعون ينزلُ ببلد، فيخرجُ منه خوفَ العدوى.

حدثني سهل بن محمد، قال: حدثني الأصمعي، عن بعض البصريِّين: أنه هرَب من الطاعون، فركب حمارًا، ومضى بأهله نحو سَفَوان (?)، فسمع حاديًا يحدُو خلفَه وهو يقول:

لنْ يُسْبَقَ اللهُ على حمارِ ... ولا على ذي مَيْعَةٍ مُطَارِ (?)

أو يأتيَ الحتفُ على مقدارِ ... قد يُصْبِحُ اللهُ أمامَ السَّاري (?)

وقد قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان بالبلد الذي أنتم فيه فلا تخرُجوا منه"، وقال: "إن كان ببلدٍ فلا تدخلوه" (?)، يريد بقوله: "لا تخرُجوا من البلد إذا كان فيه" كأنكم تظنُون أنَّ الفرارَ من قَدَر الله ينجيكم من الله، ويريد [بقوله]: "إن كان ببلدٍ فلا تدخلوه" أنَّ مقامكم في الموضع الذي لا طاعون فيه أسكنُ لأنفسكم، وأطيبُ لمعيشتكم.

ومن ذلك: المرأةُ تُعْرَفُ بالشُّؤم، أو الدار، فينالُ الرجلَ مكروهٌ أو جائحة، فيقول: أعْدَتْني بشؤمها.

فهذا هو العدوى الذي قال فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا عدوى".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015