عطاسًا فيتشاءم به.
وكانوا إذا عَطس من يحبُّونه قالوا له: عُمْرًا وشبابًا، وإذا عَطس من يبغضونه قالوا له: وَرْيًا وقُحَابًا (?). والوَرْي - كالرَّمْي-: داءٌ يصيبُ الكبد فيفسدُها، والقُحَاب كالسُّعال، وزنًا ومعنى.
وكان الرجلُ إذا سَمِع عطاسًا يتشاءمُ به، يقول: بكَ لا بي، أي: أسألُ الله أن يجعل شؤمَ عطاسك بكَ لا بي.
وكان تشاؤمهم بالعَطْسة الشَديدة أشدَّ، كما يحكى عن بعض الملوك أنَّ مسامرًا له عطسَ عطسةً شديدةً راعَتْه، فغضبَ الملك، فقال سميرُه: والله ما تعمَّدتُ ذلك، ولكنَّ هذا عُطاسي، فقال: والله لئن لم تأتني بمن يشهدُ لك بذلك لأقتلنَّك، فقال: أخرِجني إلى الناس لعليِّ أجدُ من يشهدُ لي، فأخرجَه، وقد وكَّل به الأعوان، فوجدَ رجلًا، فقال: يا سيِّدي نشدتُك بالله، إن كنتَ سمعتَ عُطاسي يومًا تشهدُ لي به عند الملك، فقال: نعم، أنا أشهدُ لك، فنهَض معه، وقال: أيها الملك، أنا أشهدُ أنَّ هذا الرجل عطسَ يومًا فطار ضرسٌ من أضراسه! فقال له الملك: عُد إلى حديثك ومجلسك (?).
فلمَّا جاء الله سبحانه بالإسلام، وأبطَل رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما كان عليه الجاهليةُ من الضلال؛ نهى أمَّته عن التشاؤم والتطير، وشرَع لهم أن يجعلوا مكانَ الدعاء على العاطس بالمكروه دعاءً له بالرحمة، كما أمر العائن أن يدعو بالتبريك للمَعِين.