فصل
وأمَّا ما احتجَّ به (?) ونسَبه إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وقَدَت الحرب"، لمَّا رمى (?) واقدُ بن عبد الله الحضرميَّ، "والحضرميُّ حضرت الحرب"؛ فكذبٌ عليه - صلى الله عليه وسلم -، وإنما قال ذلك أعداؤه من اليهود، فتطيَّروا بذلك وتفاءلوا به (?)، فكانت الطِّيَرة عليهم، ووقَدَت الحربُ عليهم.
فصل
وأمَّا استقبالُه - صلى الله عليه وسلم - الجبلين في طريقه، وهما: مُسْلِح ومُخْرِئ، وتركُ المرور بينهما، وعدلُ ذات اليمين (?)؛ فليس هذا أيضًا من الطِّيَرة، وإنما هو من العدول عمَّا يؤذي النفوسَ ويُشَوِّشُ القلوبَ إلى ما هو بخلافه، كالعدول عن الاسم القبيح وتغييره بأحسنَ منه (?)، وقد تقدَّم تقريرُ ذلك بما فيه كفاية.
وأيضًا؛ فإنَّ الأماكنَ فيها الميمونُ المبارك والمشؤومُ المذموم، فاطَّلعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على شؤم ذلك المكان، وأنه مكانُ سوء، فجاوزَه إلى غيره، كما جاوزَ الوادي الذي ناموا فيه عن الصُّبح إلى غيره، وقال: "هذا مكانٌ حَضَرَنا فيه الشيطان" (?)، والشيطانُ يحبُّ الأمكنةَ المذمومة وينتابهُا.