النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا أخبره أنَّ ذلك معصية، بل سكت عنه.
وكذلك لما غيَّر اسمَ السَّائب، فأبوا تغييرَه لم ينكِر عليهم.
وأيضًا، فروى مسلم في "صحيحه" (?) من حديث أبي الزبير، عن جابر، قال: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينهى أن يسمَّى بيعلى (?)، وبركة، وأفلح، ويسار، ونافع، ونحو ذلك، ثمَّ رأيتُه سكت بعدُ عنها فلم يقل شيئًا، ثمَّ قُبِض ولم يَنْهَ عن ذلك، ثمَّ أراد عمرُ رضي الله عنه أن ينهى عن ذلك ثمَّ تركه.
ورأيتُ لبعضهم فرقًا بين الفأل والطِّيَرة كلامًا أذكرُه بلفظه (?).
قال: أمَّا ما رُوِيَ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يتفاءل ولا يتطيَّر، فهما وإن كان معناهما واحدًا في الاستدلال، فبينهما افتراق؛ لأنَّ الفألَ إبانة، والتطيُّر استدلال، والإبانةُ أكثر وأشهر وأوضح وأفصح؛ لأنَّ من كان في قلبه وضميره أمر (?) فسمع قائلًا يقول: أقبلَ الخير، أو امضِ بسلام، أو أبشِر، أو نحو ذلك، فقد اكتفى بما سمع عن الاستدلال، والذي يرى طائرًا يَسْنَحُ أو يَبْرَح فليس معه إلا الاستدلالُ على اليُمْنِ بالسانح، والشُّؤم بالبارح، وهذا أمرٌ قد يكونُ وقد لا يكون، وذلك الفألُ في الأعمِّ يكون.