أحدُهما دون الآخر فلا وجهَ له (?).
وهذا [قولُ] (?) من عَمِيَ عن الهدى وصَمَّ عن سماعه، وإنما تحصُل الهدايةُ من ألفاظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتشرقُ ألفاظُها في صدر من تلقَّاها بالتصديق والقبول، فأذعَن لها بالسمع والطاعة وقابلَها بالرضا والتسليم، وعَلِمَ أنها منبعُ الهدى ومَعِينُ الحقِّ.
ونحنُ- بحول الله (?) - نوضِّحُ لمن اشتبه ذلك عليه فُرقانَ ما بينهما، وفائدةَ الفأل، ومضرَّةَ الطِّيَرة، فنقول: الفألُ والطِّيَرة وإن كان مأخذُهما سواءً، ومُجتَناهما واحدًا، فإنهما يختلفان بالمقاصد، ويفترقان بالمذاهب؛ فما كان محبوبًا مستحسَنًا تفاءلوا به وسمَّوه: الفأل، وأحبُّوه ورَضُوه (?)، وما كان مكروهًا قبيحًا منفِّرًا تشاءموا به وكرهوه وتطيَّروا منه، وسَمَّوه: طِيَرة؛ تفرقةً بين الأمرين، وتفصيلًا بين الوجهين.
وسئل بعضُ الحكماء، فقيل له: ما بالكم تكرهون الطِّيَرة، وتحبُّون الفأل؟ فقال: لنا في الفأل عاجلُ البشرى وإن قَصُرَ عن الأمل، ونكرهُ الطِّيَرة لما يلزمُ قلوبَنا من الوَجَل.
وهذا الفرقانُ حسنٌ جدًّا، وأحسنُ منه ما قاله ابنُ الروميِّ في ذلك: الفألُ لسانُ الزمان، والطِّيَرةُ عنوانُ الحَدَثان (?).