والله سبحانه قد جعل في غرائز الناس الإعجابَ بسماع الاسم الحسَن ومحبَّته وميلَ نفوسهم إليه، وكذلك جعل فيها الارتياحَ والاستبشارَ والسُّرورَ باسم السَّلام، والفلاح، والنجاح، والتهنئة، والبشرى، والفوز، والظَّفر، والغُنْم، والرِّبح، والطِّيب، ونيل الأمنية، والفرح، والغَوث، والعزِّ، والغنى، وأمثالها.
فإذا قرعَت هذه الأسماءُ الأسماعَ استبشرَت بها النفس، وانشرحَ لها الصَّدر، وقويَ بها القلب، وإذا سمعَت أضدادَها أوجَب لها ضدَّ هذه الحال، فأحزنها ذلك وأثار لها خوفًا وطِيَرةً وانكماشًا وانقباضًا عمَّا قصدَت له وعزمَت عليه، فأورثَ لها ذلك ضررًا في الدنيا ونقصًا في الإيمان ومقارفةً للشرك.
كما ذكره أبو عمر في "التمهيد" (?) من حديث المقرئ، عن ابن لهيعة: حدَّثنا ابن هبيرة، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أرجعَته الطِّيَرةُ من حاجته فقد أشرَك"، قال: وما كفارةُ ذلك يا رسول الله؟ قال: "أن يقول أحدُهم: اللهمَّ لا طيرَ إلا طيرُك، ولا خيرَ إلا خيرُك، ولا إله غيرُك، ثمَّ يمضي لحاجته".
وذكر ابن وهبٍ (?) قال: أخبرني أسامةُ بن زيد، قال: سمعتُ نافع بن جبير بن مطعم يقول: سأل كعبُ الأحبار عبد الله بن عمرو: هل تتطيَّر؟ فقال: نعم، قال: فكيف تقول إذا تطيَّرت؟ قال: أقول: اللهمَّ لا طيرَ إلا طيرُك،