قال: إنهم لم يَخْفَ عليهم ما نقولُه، ولكنْ خاطَبوهم بما تحتملُه عقولهُم من الخطاب الجمهوريِّ النافع للجمهور، وأمَّا الحقائقُ فكتموها عنهم.
والذي سلَّطهم على ذلك جحدُ هؤلاء لحقِّهم، ومكابرتهُم إيَّاهم على ما لا تمكنُ المكابرةُ عليه مما هو معلومٌ لهم بالضرورة؛ كمكابرتهم إيَّاهم في كون الأفلاك كُرِيَّةَ الشَّكل، والأرض كذلك، وأنَّ نورَ القمر مستفادٌ من نور الشمس، وأنَّ الكسوفَ القمريَّ عبارةٌ عن انمحاء ضوء القمر بتوسُّط الأرض بينه وبين الشمس من حيثُ إنه يقتبسُ نورَه منها، والأرضُ كرةٌ والسماءُ محيطةٌ بها من الجوانب، فإذا وقعَ القمرُ في ظلِّ الأرض انقطعَ عنه نورُ الشمس، كما قدَّمنا.
وكقولهم: إنَّ الكسوفَ الشمسيَّ معناه وقوعُ جِرْم القمر بين الناظر وبين الشمس عند اجتماعهما في العقدتين على دقيقةٍ واحدة (?).
وكقولهم بتأثير الأسباب المحسوسة في مسبَّباتها، وإثباتِ القُوى والطبائع والأفعال والانفعالات، مما تقوم عليه الأدلةُ العقلية (?) والبراهينُ اليقينية.
فيخوضُ هؤلاء معهم في إبطاله، فيُغرِيهم ذلك بكُفرهم وإلحادهم والوصيَّة لأصحابهم بالتمسُّك بما هم عليه، فإذا قال لهم هؤلاء: هذا الذي تذكرونه على خلاف الشرع، والمصيرُ إليه كفرٌ وتكذيبٌ بالرسل، لم يستريبوا في ذلك، ولم يلحقهم فيه شكٌّ، . ولكنَّهم يستريبون بالشرع، وتنقُص