المخلوقات وأحوالها.

وجاء ناسٌ جُهَّالٌ رأوهم قد أصابوا في بعضها أو كثيرٍ منها، فقالوا: كلُّ ما قاله هؤلاء فهو صواب؛ لِمَا ظهر لنا من صوابهم.

وانضافَ إلى ذلك أنَّ أولئك لمَّا وقفوا على الصواب فيما أدَّتهم إليه أفكارُهم من الرياضيات (?) وبعض الطبيعيات وَثِقُوا بعقولهم، وفرحوا بما عندهم من العلم، وظنُّوا أنَّ سائر ما أحْكَمَتْه (?) أفكارُهم من العلم بالله وشأنه وعظمته هو كما أوقعهم عليه فكرُهم، وحكمُه حكمُ ما شهد به الحِسُّ من الطبيعيات والرياضيات؛ فتفاقمَ الشرُّ، وعَظُمَت المصيبة، وجُحِدَ اللهُ وصفاتُه وخلقُه للعالَم وإعادتُه له، وجُحِدَ كلامُه ورسلُه ودينُه.

ورأى كثيرٌ من هؤلاء أنهم هم خواصُّ النوع الإنسانيِّ وأهلُ الألباب، وأنَّ ما عداهم هم القُشور، وأنَّ الرسلَ إنما قاموا بسياستهم لئلَّا يكونوا كالبهائم، فهم بمنزلة قيِّم المارِستان (?)، وأمَّا أهلُ العقول والرياضات (?) والأفكار فلا يحتاجون إلى الرسل، بل هم يعلِّمون الرسلَ ما يصنعونه (?) للدَّعوة الإنسانية، كما تجدُ في كتبهم: وينبغي للرسول أن يفعلَ كذا وكذا!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015