إلى الشمال والجنوب.
وإنما ذكَرنا هذا الفصل، ولم يكن من غرَضنا؛ لأنَّ كثيرًا من هؤلاء الأحكاميِّين يموِّهون على الجُهَّال بأمر الكسوف، ويوهمونهم أنَّ قضاياهم وأحكامهم النجوميَّة من السَّعد والنَّحس والظَّفر والغلبة وغيرها هي من جنس الحكم بالكسوف، فيصدِّقُ بذلك الأغمارُ والرَّعاع (?)، ولا يعلمون أنَّ الكسوفَ يُعْلَمُ بحساب سَيْر النيِّرَين في منازلهما، وذلك أمرٌ قد أجرى اللهُ العادةَ المطَّردة به، كما أجراها في الأبدار والسِّرار والهلال.
نعم؛ لا ننكِرُ أنَّ الله سبحانه يُحْدِثُ عند الكسوفَين من أقضيته وأقداره ما يكونُ بلاءً لقومٍ ومصيبةً لهم، ويجعلُ الكسوفَ سببًا لذلك (?)، ولهذا أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عند الكسوف بالفزَع إلى ذكر الله والصَّلاة والعِتاقة والصَّدقة والصِّيام (?)؛ لأنَّ هذه الأشياء تدفعُ مُوجَبَ الكَسْف الذي جعله الله سببًا لما جعله، فلولا انعقادُ سبب التخويف لما أمرَ بدفع مُوجَبه بهذه العبادات.
ولله تعالى في أيام دهره أوقاتٌ يُحْدِثُ فيها ما يشاءُ من البلاء والنَّعماء ويقضي من الأسباب ما يدفعُ مُوجَبَ تلك الأسباب لمن قام به، أو يقلِّله أو يخفِّفه، فمن فَزِعَ إلى تلك الأسباب أو بعضها اندفَع عنه الشرُّ الذي جعل اللهُ