والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزَعوا إلى الصلاة" (?)، وهذا الحديثُ صحيح، وهو من أعظم الحُجَج على بطلان قولكم؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنهما آيتان من آيات الله، وآياتُ الله لا يحصيها إلا الله، فالمطرُ والنباتُ والحيوانُ والليلُ والنهارُ والبرُّ والبحرُ والجبالُ والشجرُ وسائرُ المخلوقات آياتُه تعالى الدَّالةُ عليه، وهي في القرآن أكثر من أن نذكُرها هاهنا، فهما آيتان، لا ربَّان ولا إلهان، ولا ينفعان ولا يضرَّان، ولا لهما تصرُّفٌ في أنفُسِهما وذواتهما (?) البتَّة، فضلًا عن إعطائهما كلَّ ما في العالم من خيرٍ وشرٍّ وصلاحٍ وفساد، بل كلَّ ما فيه من ذرَّاته وأجزائه وكلِّياته وجزئياته (?)، تعالى الله عن قول المفترين المشركين علوًّا كبيرًا.
وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته" قولان:
أحدهما: أنَّ موتَ الميِّت وحياتَه لا يكونُ سببًا في انكسافهما، كما كان يقولُه كثيرٌ من جُهَّال العرب (?) وغيرهم عند الانكساف، أن ذلك لموتِ عظيمٍ أو ولادةِ عظيم، فأبطَل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وأخبَر أن موتَ الميِّت وحياتَه لا يؤثِّر في كسوفهما البتَّة.
والثاني: أنه لا يحصل عن انكسافهما موتٌ ولا حياة، فلا يكونُ انكسافُهما سببًا لموت ميتٍ ولا لحياة حيٍّ، وإنما ذلك تخويفٌ من الله