المغرب. فبُهِتَ الذي كفر (?)، وقال: إنَّ هذا إنسانٌ مجنون، فأخرِجوه، ألا ترون أنه من جنونه اجتَرأ على آلهتكم فكسَرها، وأنَّ النارَ لم تأكله. وخشي أن يفتضحَ في قومه، وكان يزعمُ أنه ربٌّ، فأمَر بإبراهيم فأُخرِج.
وقال مجاهد: أحيي فلا أقتُل، وأميتُ من قتلتُ.
وقال ابن جريج: أُتِيَ برجلين، فقتَل أحدَهما وترَك الآخر، فقال: أنا أحيي وأميت، أقتلُ (?) فأميتُ من قتلتُ، وأحيي فلا أقتُل.
وقال ابن إسحاق: ذُكِرَ لنا - والله أعلم - أنَّ نمرودَ قال لإبراهيم: أرأيتَ إلهك هذا الذي تعبدُ وتدعو إلى عبادته وتذكرُ من قدرته التي تعظِّمه بها على غيره، ما هو؟ قال إبراهيم: ربيِّ الذي يحيي ويميت، قال نمرود: أنا أحيي وأميت، فقال له إبراهيم: كيف تحيي وتميت؟ قال: آخذُ الرجلين قد استوجبا القتلَ في حكمي، فأقتلُ أحدَهما فأكونُ قد أمتُّه، وأعفو عن الآخر فأتركُه، فأكونُ قد أحييتُه، فقال له إبراهيم عند ذلك: فإنَّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب، أَعرِفْ أنه كما تقول، فبُهِتَ عند ذلك نمرود، ولم يرجِع إليه شيئًا، وعرَف أنه لا يطيقُ ذلك.
فهذا كلامُ السَّلف في هذه المناظرة، وكذلك سائرُ المفسِّرين بعدهم، لم يقل أحدٌ منهم قطُّ: إن معنى الآية أنَّ هذا الإحياءَ والإماتةَ حاصلٌ منِّي ومن كلِّ أحد، فإنَّ الرجلَ قد يكون منه الحدوثُ بواسطة تمزيج الطبائع وتحريك الأجرام الفلَكيَّة.