وأمَّا ذلك التقريرُ (?) الذي قرره الرازيُّ في المناظرة بينه وبين المَلِك المعطِّل؛ فمما لم يخطُر بقلب إبراهيم، ولا بقلب المشرك، ولا يدل اللفظُ عليها البتَّة، وتلك المناظرةُ التي ذكرها الرازيُّ تشبه أن تكون مناظرةً بين فيلسوفٍ ومتكلِّم! فكيف يسوغُ أن يقال: إنها هي المرادةُ من كلام الله تعالى؟ ! فيُكْذَبَ على الله، وعلى خليله، وعلى المشرك المعطِّل! وإبراهيمُ أعلمُ بالله ووحدانيته وصفاته من أن يرضى (?) بهذه المناظرة.

ونحن نذكرُ كلامَ أئمَّة التفسير في ذلك ليُفْهَم معنى المناظرة، وما دلَّ عليه القرآنُ من تقريرها.

قال ابن جرير (?): معنى الآية: ألم تر يا محمَّد إلى الذي حاجَّ إبراهيمَ في ربه حين قال له إبراهيم: ربيِّ الذي يحيي ويميت، يعني بذلك: ربيِّ الذي بيده الحياة والموت، يحيي من يشاءُ ويميتُ من أرادَ بعد الإحياء، قال: أنا أفعلُ ذلك، فأحيي وأميت، أستحيي من أردتُ قتله فلا أقتله، فيكون ذلك منِّي إحياءً له - وذلك عند العرب يسمَّى: إحياءً، كما قال تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]-، وأقتلُ آخَر، فيكونُ ذلك منِّي إماتة له. قال إبراهيمُ له: فإنَّ الله هو الذي يأتي بالشمس من مشرقها، فإن كنتَ صادقًا أنك إلهٌ فأتِ بها من مغربها. قال الله عزَّ وجل: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}، يعني: انقطَع وبطلَت حجَّته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015