وأمَّا أئمةُ الإسلام وفحولُ النظَّار، فلم يعتمدوا على هذه الطريقة، وهي عندهم أضعفُ وأوهى من أن يبنوا عليها شيئًا من الدين، فضلًا عن حدوث العالم وإعادة الأجسام، وإنما اعتمدوا على الطرق التي أرشدَ اللهُ سبحانه إليها في كتابه، وهي حدوثُ ذاتِ الحيوان والنبات، وخَلْقُ نفس العالم العُلويِّ والسُّفلي، وحدوثُ السِّحاب والمطر والرياح وغيرها من الأجسام التي يُشَاهَدُ حدوثُها بذواتها لا مجرَّدُ حدوث تأليفها وتركيبها (?).

فعند القائلين بالجوهر لا يُشْهَدُ أنَّ الله أحدثَ في هذا العالم شيئًا من الجواهر، وإنما أحدثَ تأليفَها وتركيبَها فقط، وإن كان إحداثُه لجواهره سابقًا متقدِّمًا قبل ذلك، وأمَّا الآن فإنما تحدُث الأعراض من الاجتماع والافتراق والحركة والسكون فقط وهي الأكوانُ عندهم، وكذلك المَعاد؛ فإنه سبحانه يفرقُ أجزاءَ العالم، وهو إعدامُه، ثمَّ يؤلِّفها ويجمعُها، وهو المَعاد.

وهؤلاء احتاجوا إلى أن يستدلُّوا على كون عَينِ الإنسان وجواهره مخلوقة، إذ المُشاهَدُ عندهم بالحِسِّ دائمًا (?) هو حدوثُ أعراض في تلك الجواهر من التأليف الخاصِّ (?)، وزعموا أنَّ كلَّ ما يُحْدِثُه الله من السَّحاب والمطر والزُّروع والثمار والحيوان فإنما يُحْدِثُ فيه أعراضًا، وهي جمعُ الجواهر التي كانت موجودةً وتفريقُها، وزعموا أنَّ أحدًا لا يعلمُ حدوثَ عينٍ من الأعيان بالمشاهَدة ولا بضرورة العقل، وإنما يُعْلَمُ ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015