ولهذا كانت أشهرُ الحجِّ والصَّوم والأعياد ومواسم الإسلام إنما هي على حساب القمر وسَيْره ونزوله في منازله، لا على حساب الشمس وسَيْرها؛ حكمةً من الله ورحمةً وحفظًا لدينه؛ لاشتراك الناس في هذا الحساب، وتعذُّر الغلط والخطأ فيه، فلا يدخلُ في الدِّين من الاختلاف والتخليط ما دخلَ في دين أهل الكتاب (?).
فهذا الذي أخبرنا تعالى به مِن شأن المنازل وسَيْر القمر فيها، وجَعْل الشَّمس سراجًا وضياءً يُبْصِرُ به الحيوان (?)، ولولا ذلك لم يُبْصِر الحيوان، فأين هذا مما يدَّعيه الكذَّابون من علم الأحكام التي كذبُها أضعافُ صدقها؟ !
فصل
* وأمَّا ما ذكره عن إبراهيم خليل الرحمن أنه تمسَّك بعلم النجوم حين قال: {إِنِّي سَقِيمٌ}، فمن الكذب والافتراء على خليل الرحمن - صلى الله عليه وسلم -، فإنه ليس في الآية أكثر من أنه نظَر نظرةً في النجوم، ثم قال لهم: {إِنِّي سَقِيمٌ}، فمن ظنَّ مِن هذا أنَّ علمَ أحكام النجوم مِن علم الأنبياء، وأنهم كانوا يُراعونه ويُعانُونه، فقد كذَب على الأنبياء، ونسَبَهم إلى ما لا يليقُ بهم، وهو مِن جنس من نسَبَهم إلى الكهانة والسِّحر، وزعَم أن تلقِّيهم الغيبَ من جنس تلقِّي غيرهم، وإن كانوا فوقهم في ذلك، لكمال نفوسهم وقوَّة استعدادها وقبولها لفيض العُلويات عليها.