ومن لا يتأوَّلُ هذا التأويلَ يقول: إنَّ الضميرَ يعودُ على القرآن وإن لم يتقدَّم ذكرُه؛ لشهرة الأمر ووضوح المعنى، كقوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32]، و {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)} [الرحمن: 26]، وغير ذلك" (?).
قلت: ويؤيّدُ القولَ الأول أنه أعاد الضميرَ بلفظ الإفراد والتذكير، ومواقعُ النجوم جمعٌ، فلو كان الضميرُ عائدًا عليها لقال: إنها لقرآنٌ كريم، إلا أن يقال: مواقعُ النجوم دلَّ على القرآن، فأعاد الضميرَ عليه؛ لأنَّ مُفسِّرَ الضمير يُكتفى فيه بذلك، وهو من أنواع البلاغة والإيجاز.
فإن كان المرادُ من القسم نجومَ القرآن بطلَ استدلالُه بالآية، وإن كان المرادُ الكواكب - وهو قولُ الأكثرين - فلِمَا فيها من الآيات الدَّالَّة على ربوبية الله تعالى وانفراده بالخلق والإبداع، فإنه لا ينبغي أن تكونَ الإلهيةُ إلا له وحده، كما أنه وحده المنفردُ بخلقها وإبداعها وما تضمَّنته من الآيات والعجائب، فالإقسامُ بها أوضحُ دليلٍ (?) على تكذيب المشركين والمنجِّمين والدَّهرية ونوعَي المعطِّلة، كما تقدم.
* وكذلك قولُه: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)} [الطارق: 3]، على أنَّ فيه قولين آخرين غير القول الذي ذكره (?).
أحدهما: أنه الثريَّا. وهذا قولُ ابن زيد. حكاه عنه أبو الفرج ابن الجوزي (?).