وتحريك الأجرام الفلَكيَّة، وكذلك قد يميتُ (?) بهذه الوسائط. وهذا هو المرادُ من قوله تعالى حكايةً عن الخصم: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ}.

ثمَّ إنَّ إبراهيم عليه الصلاةُ والسلام أجاب عن هذا السؤال بقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}، يعني: هَب أنه سبحانه إنما يُحْدِثُ حوادثَ العالم بواسطة الحركات الفلَكيَّة، لكنَّه تعالى هو المبدئ (?) للحركات الفلَكيَّة؛ لأنَّ تلك الحركات لا بدَّ لها من سبب، ولا سببَ لها سوى قدرة الله تعالى، فثبتَ أنَّ حوادثَ هذا العالم وإن سلَّمنا أنها إنما حصلت بواسطة الحركات الفلَكيَّة لكنَّه لمَّا كان المدبِّر لتلك الحركات الفلكيَّة هو الله تعالى كان الكلُّ منه، بخلاف الواحد منَّا، فإنَّا وإن قَدَرْنا على الإحياء والإماتة بواسطة الطبائع وحركات الأفلاك، إلا أنَّ حركات الأفلاك ليست منَّا، بدليل أنَّا لا نقدرُ على تحريكها على خلاف التَّحريك الإلهي، وظَهَر الفَرق.

وهذا هو المرادُ من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}، يعني: هَبْ أنَّ هذه الحوادثَ في هذا العالم حصلت بحركة الشَّمس من المشرق، إلا أنَّ هذه الحركة من الله؛ لأنَّ كلَّ جسمٍ متحرِّكٍ فلا بدَّ له من محرِّك، وذلك المحرِّكُ لست أنتَ ولا أنا، فلِمَ لا تحرِّكها من المغرب؟ !

فثبتَ أنَّ اعتمادَ إبراهيم الخليل في معرفة ثبوت الصَّانع على الدلائل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015