تقدَّمكم، وما يقعُ من الصِّدق فإنما يقعُ بحسب الاتِّفاق، والذي حصلتم عليه هو الحَدْسُ والتخمينُ بحسب ما في الكتب.
ومما يستدلُّ به من ينتسبُ إلى الإسلام منهم على تصحيح دلالة النجوم: قولُه تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 88، 89]، ولا حجَّة في هذا البتَّة؛ لأنَّ إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- إنما قال هذا ليدفعَ به قومَه عن نفسه، ألا ترى أنه عزَّ وجلَّ قال بعدُ: {فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90) فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ} [الصافات: 90 - 91]، فبيَّن تبارك وتعالى أنه إنما قال ذلك ليدفَعهم به، لِمَا كان عَزَمَ عليه من أمر الأصنام (?)، وليس يحتاجُ أحدٌ إلى معرفة أصحيحٌ هو أم سقيمٌ من النجوم؛ لأنَّ ذلك يُوجَدُ حِسًّا ويُعْلَمُ ضرورةً، ولا يُحتاجُ فيه إلى استدلالٍ وبحث" (?).
قلت: قد احتُجَّ لهم بغير هذه الحُجَج، فنذكرُها ونبيِّن بطلانَ استدلالهم بها، وبيانَ الباطل منها.
قال أبو عبد الله الرازي (?): "أعلم أنَّ المثبتينَ لهذا العلم احتجُّوا من كتاب الله بآيات.